معنى الصداقة .
مرحبا بأصدقائي الصغار في قصة جديدة و عنوانها : معنى الصّداقة .
في أواخر العطلة الصّيفيّة اِنتقلت عائلة كريم إلى سكن جديد ... و في صبيحة كلّ يوم كان كريم يخرج إلى الحديقة المجاورة لمنزلهم و يجلس هناك على المقعد الخشبيّ وحيدا ... و كان يتسلّى بمراقبة بعض الأطفال و هم يلعبون الكرة في نشاط و حيويّة و لكنّه لم يكن ماهرا في لعب الكرة.
ذات يوم نصحته أمّه بأن يعرض عليهم صداقته ... فذهب إليهم و عرّفهم بنفسه قائلا :
" مرحبا إسمي كريم و قد اِنتقلت حديثا إلى حيّكم ... و يسعدني أن أنضمّ إليكم و أكون صديقا لكم ".
رحّب الأولاد بكريم و دَعَوْهُ ليلعب معهم ... فشل كريم في اِلتقاط الكرة و قذفها عديد المرّات ... فبدأ الأولاد يتذمّرون ... و يوما بعد يوم شعر كريم أنّ وجوده بين أولائك الأولاد لم يعد مرغوبا به.
و عاد ذات مساء إلى المنزل حزينا و دخل غرفته صامتا و رفض أن يخرج منها للعَشاء !!!
سأل والد كريم عن السّبب فأخبرته الأمّ أنّ كريما يشكو الوحدة و الضّجر و أنّه لا يجد له صديقا في هذا الحيّ الجديد.
في مساء اليوم التّالي عاد الأب إلى المنزل و هو ينادي :
" كريم .. كريم .. تعال يا بنيّ .. أنظر ماذا أحضرت لك !! ".
خرج كريم من غرفته و تهلّل وجهه و هو ينظر إلى هديّة والده ... كانت درّاجة رائعة .. لونها فضّيّ جميل و تبدو خفيفة و سريعة !!
اِرتمى كريم في حضن والده و قبّله و شكره كثيرا ...
و في الصّباح الباكر خرج كريم يركب درّاجته و يسابق الرّيح !! و مرّ في طريقه بأولائك الأطفال الذين رفضوه وهم يلعبون الكرة كعادتهم.
و عندما شاهدوه يركب تلك الدّرّاجة الجميلة ركضوا خلفه ينادون :
" كريم .. كريم .. اِنتظرنا .. دعنا نرى درّاجتك !! "
و قال أحدهم : " دعني أجرّب الرّكوب عليها ".
لم ينس كريم رفضهم له عندما لاحظوا قلّة مهارته في لعب الكرة .. ولكنّ رغبته الكبيرة في أن يكون لديه أصدقاء و طبعه المتسامح جعلاه يقبل بصداقتهم و يسمح لهم بمشاركته درّاجته !!
ركب كلّ الأولاد درّاجة كريم و قاموا بعدّة جولات عليها و تبادلوا حديثا مطوّلا عن الدّرّاجات و أنواعها ... و كان كريم في غاية السّعادة و عاد إلى المنزل فرحا و مسرورا ممّا أدخل السّرور على قلب والديه.
و بعد عدّة أيّام شعر الأولاد بالملل من ركوب الدّرّاجة ... و عادوا يلعبون الكرة مجدّدا ... و عندما أراد كريم أن ينضمّ إليهم اِمتعضوا و أشعروه بأنّه غريب عنهم !!
و قال له أحدهم : "أنت لا تجيد لعب الكرة ".
فأجاب كريم بسرعة : " سأتعلّم و سأصبح ماهرا مثلكم ".
ضحك الأولاد و أجابوه بآستخفاف :
" ها ها ها .. يلزمك وقت طويل لتتعلّم ".
دمعت عينا كريم و آستدار بكلّ قوّته ... إنّه الآن يرفض صداقتهم من أعمق أعماق قلبه.
و عند وصوله للمنزل كانت أمّه تنتظره أمام الباب فآرتمى في حضنها باكيا !!
عانقته أمّه و بلهفة أخبرته :
" اِبني .. حبيبي .. لديّ خبر لك !!
هل تذكر صديقك مراد .. لقد اِنتقلت عائلته إلى المبنى المجاور ".
هتف كريم : " حقّا !! ".
أجابت الأمّ : " نعم يا بنيّ ..ستلعبا معا .. و تذهبا إلى المدرسة سوِيًّا .. و ستقضِيا معا أوقاتا ممتعة ".
و بفرحٍ قال كريم : " أمّي إنّه أروع خبر أسمعه .. لقد رفض أولائك الأولاد الأشرار صداقتي .... "
تنهّدت الأمّ و قالت بحزن :
"بنيّ .. أولائك الأولاد ينقصهم الذّوق و اللّطف و لن تدوم صداقتهم طويلا لأنّهم يجهلون معنى الصّداقة .. لقد اِلتفّوا حولك من أجل درّاجتك الجميلة و تجاهلوا حاجتك المُلِحّة لصحبتهم و قضاء الوقت معهم أُنْسًا بهم .. و أنت أفضل حالا من دونهم ".
شعر كريم بآرتياح و قال :
" أشكرك أمّي فكلامك يريحني و ينسيني ما مرّ بي في هذا اليوم العصيب ".
" كريم .. كريم "
كان صوتا أليفا ينادي .. إنّه مراد !!
تعانق الصّديقان في اِبتهاج كبير و ركبا الدّرّاجة و جابا طرقات الحيّ الجديد ضاحكين !!
وتحدّثا طويلا و وضعا الخطط لقضاء عطلة صيفيّة مفيدة ... ثمّ غادر مراد و قد تمنَّيا لبعضهما ليلة سعيدة.
و عندما آوى كريم إلى فراشه تأمّل طويلا في أحداث يومه .. كيف بكى في البداية من نكران أولاد الحيّ و رفضهم صداقته .. و كيف ضحك و آبتهج في النّهاية عند لقاء صديقه مراد !!
و حمد الله كثيرا أن أبدل حزنه فرحا.